للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قتالِهم، وإخراجِ هَيْبتِهم مِن صدورِهم، وإن قلّ عددُهم، وكثُر عددُ أعدائِهم وأعداءِ اللهِ، وإعلامٌ منه لهم أن الإماتَةَ والإحْياءَ بيدِه، وأنه لن يموتَ أحدٌ ولا يُقْتَلَ إلا بعدَ فَناءِ أَجَلِهِ الذي كُتِب له، ونَهْىٌ منه لهم - إذ كان ذلك كذلك - أن يَجْزَعوا لموتِ مَن مات منهم، أو قتلِ مَن قُتِل منهم في حربِ المشْركين.

ثم قال جل ثناؤُه: ﴿وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ (١) بَصِيرٌ﴾. يقولُ: إِنَّ الله يَرَى ما تَعْمَلون مِن خيرٍ وشرٍّ، [فاتقوا الله] (٢) أيُّها المؤمنون، فإنه مُحْصٍ ذلك كلَّه، حتى يُجازِيَ كلَّ عاملٍ بعملِه على قدرِ اسْتحقاقِه.

وبنحو الذي قلْنا في ذلك قال ابن إسحاقَ.

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ﴾ أي: يُعَجِّلُ ما يَشاءُ، ويُؤَخِّرُ ما يَشاءُ مِن آجالِهم بقدرتِه (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (٤) (١٥٧)﴾.

يخاطبُ (٥) بذلك تعالى ذكرُه عبادَه المؤمنين، يقولُ لهم: لا تكونوا أيُّها المؤمنون في شكٍّ مِن أن الأمورَ كلَّها بيدِ اللهِ، وأن إليه الإحياءَ والإماتةَ، كما شكَّ


(١) في ت ١، س: "يعملون". وهى قراءة ابن كثير وحمزة والكسائي، وقرأ باقى السبعة بالتاء. حجة القراءات ص ١٧٧.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فاتقوه"، وفى س: "فاتقوا".
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ١١٦، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٠٠ (٤٤٠٣) من طريق سلمة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٩ إلى ابن المنذر.
(٤) في ت ١، س: "تجمعون". والمثبت قراءة عاصم في رواية حفص عنه، ولم يروها غيره، وقرأ الباقون بالتاء. السبعة لابن مجاهد ص ٢١٨.
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فخاطب".