للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ

أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٢٣) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (٢٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وأمَّا الذين آمَنوا باللَّهِ ورسولِه فأطاعُوهما بما أمَرهم اللَّهُ به مِن صالحِ الأعمالِ، فإن اللَّهِ يُدْخِلُهم جناتِ عدنٍ تَجْرِى مِن تحتِها الأنهارُ، فيُحَلِّيهم فيها مِن أَساوِرَ مِن ذهبٍ ولؤلوًا (١).

واختَلفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿وَلُؤْلُؤًا﴾؛ فقَرأَته عامةُ قرأةِ أهلِ المدينةِ، وبعضُ أهلِ الكوفةِ نَصْبًا مع التي في "الملائكةِ" (٢)، بمعنى: يُحَلَّون فيها أساورَ مِن ذهبٍ ولؤلؤًا، عطفًا باللؤلؤ على موضعِ الأساورِ؛ لأن الأساورَ، وإن كانت مخفوضةً من أجلِ دخولِ ﴿مِنْ﴾ فيها، فإنها بمعنى النصبِ، قالوا: وهي تُعَدُّ في خَطِّ المصحفِ بالألفِ. فذلك دليل على صحةِ القراءةِ بالنصبِ فيه.

وقرَأت ذلك عامةُ قرأةِ العراقِ والمِصْرَين: (وَلُؤْلُؤُ) خفضًا، عطفًا على إعرابِ الأساورِ الظاهرِ (٣).

واختلَف الذين قَرءوا ذلك كذلك في وَجْهِ إثباتِ الألفِ فيه؛ فكان أبو عمرِو بن العلاءِ، فيما ذُكِر لى عنه، يقولُ: أُثْبِتَت فيه كما أُثْبِتَت في: قالوا، وكالوا.

وكان الكسائيُّ يقولُ: أثْبَتوها فيه (٤) للهمزةِ؛ لأن الهمزةَ حرفٌ مِن الحروفِ.


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "لؤلؤ".
(٢) سورة الملائكة هي سورة فاطر، وهذه قراءة نافع وأبى جعفر وعاصم. في الموضعين، ووافقهم يعقوب هنا. النشر ٢/ ٢٤٤.
(٣) وهى قراءة ابن كثير وأبى عمرو وابن عامر وحمزة والكسائى وخلف - المصدر السابق.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "منه".