للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وقال هؤلاء (١) المُعرضون عن آياتِ اللهِ مِن مُشْركي قريشٍ إذ دَعاهم محمدٌ نبيُّ اللهِ إلى الإقرارِ بتوحيدِ اللهِ، و [التصديقِ بما] (٢) في هذا القرآنِ مِن أمرِ اللهِ ونهيِه، وسائرِ ما أُنزل فيه: ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ﴾. يعني: في أَغْطيةٍ مما تَدْعُونا يا محمدُ إليه مِن توحيدِ اللهِ، وتَصْديقِك فيما جِئْتَنا به، لا نفقَهُ ما تقولُ، ﴿وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ﴾، وهو الثِّقْلُ، لا نسمعُ ما تَدْعُونا إليه. استثقالًا لِما يَدْعو إليه وكراهةً له.

وقد مضَى البيانُ قبلُ عن معاني هذه الأحرفِ بشواهدِه، وذكرُ ما قال أهلُ التأويلِ فيه، فكَرِهنا إعادةَ ذلك في هذا الموضعِ (٣).

وقد حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ﴾. قال (٤): كالجَعْبةِ للنَّبْلِ (٥).

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ قولَه: ﴿وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ﴾. قال: عليها أَغْطِيةٌ، ﴿وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ﴾. قال: صَمَمٌ (٦).

وقولُه: ﴿وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ﴾. يقولون: ومِن بينِنا وبينِك يا محمدُ


(١) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "المشركون".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تصديق ما".
(٣) ينظر ما تقدم في ٩/ ١٩٧، ١٩٨، ١٤/ ٦٠٩.
(٤) بعده في م: "عليها أغطية".
(٥) تفسير مجاهد ص ٥٨٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٦٠ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٦) تقدم في ٩/ ١٩٨.