للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موسى على طاعتِه إيَّانا و إحسانِه، بصبرِه على أمْرِنا، كذلك نَجْزِى كلَّ مَن أَحسَن مِن رُسُلِنا وعبادِنا، فصَبَر على أمرنا وأطاعَنا، وانتَهى عما نَهيناه عنه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُضِلٌّ مُبِينٌ (١٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ودخَل موسى المدينةَ؛ مدينةَ منفٍ مِن مصرَ، ﴿عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾، وذلك عندَ القائلةِ نصفَ النهارِ.

واختَلف أهلُ التأويلِ في السببِ الذي من أجلهِ دخَل موسى هذه المدينةَ في هذا الوقتِ؛ فقال بعضُهم: دخَلها متَّبِعًا أثرَ فِرعونَ؛ لأن فرعونَ رَكِب وموسى غيرُ شاهدٍ، فلما حضَر عَلِم برُكوبِه، فرَكِب واتَّبع أثرَه، وأدْرَكه المقِيلُ في هذه المدينةِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ، قال: كان موسى حينَ كَبِر يركبُ مَراكِبَ فرعونَ، ويَلْبَسُ مثلَ ما يَلْبَسُ، وكان إنَّما يُدعَى موسى بنَ فرعونَ، ثم إن فرعونَ ركِب مركبًا وليس عندَه موسى، فلمَّا جاء موسى قيل له: إن فرعونَ قد ركِب. فرَكِب في أثَرِه، فأدرَكه المَقِيلُ بأَرضٍ يُقالُ لها: مَنْفٌ. فدخَلها نصفَ النهارِ، وقد تَغَلَّقت أسواقُها، وليس في طُرُقِها أحدٌ، وهي التي يقولُ اللهُ: ﴿وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا﴾ (١).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٥٢ من طريق عمرو بن حماد به، وتقدم أوله في ص ١٥٠.