للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأولى القولين في ذلك بالصوابِ عندَنا قولُ مَن قال: تحبسونهما من بعدِ صلاةِ العصرِ؛ لأن الله تعالى عرَّف الصلاة في هذا الموضعِ بإدخالِ الألفِ واللامِ فيها، ولا تُدْخِلُهما العربُ إلا في معروفٍ، إما في جنسٍ، أو في واحدٍ معهودٍ معروفٍ عندَ المخاطَبِين (١). فإذ كان ذلك (٢) كذلك، وكانت الصلاةُ في هذا الموضع مُجْمَعًا على أنه لم يُعْنَ بها جميعُ الصلواتِ، لم يَجُزْ أن يكونَ مُرادًا بها صلاةُ المُسْتَخْلَفِ مِن اليهودِ والنصارى؛ لأن لهم صلواتٍ ليست واحدةً فيكونَ معلومًا أنها المَعْنِيَّةُ بذلك. فإذ كان ذلك كذلك، صحَّ أنها صلاةٌ بعينها من صلواتِ المسلمين. وإذ كان ذلك كذلك، وكان النبيُّ صحيحًا عنه أنه إذ لا عَن بينَ العَجْلانيَّين، لاعَن بينَهما بعدَ العصرِ دونَ غيرِها مِن الصلواتِ (٣) - كان معلومًا أن التي عُنِيَت بقولِه: ﴿تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ﴾. هي الصلاةُ التي كان رسولُ اللهِ يَتَخَيَّرُها (٤) لاستخلافِ مَن أراد تغليظَ اليمينِ عليه. هذا [مع ما] (٥) عندَ أهلِ الكفرِ باللهِ مِن تعظيمِ ذلك الوقتِ، وذلك لقربِه مِن غروبِ الشمسِ.

و كان ابن زيدٍ يقولُ في قولِه: ﴿لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا﴾. ما حدَّثني به يُونُسُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قولِه: ﴿لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا﴾. قال: لا (٢) نَأْخُذُ به رِشْوةً (٦).

القولُ في تأويلِ قولِه عز ذكرُه: ﴿وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "المتخاطبين".
(٢) سقط من: م.
(٣) أخرج هذه القصة الدارقطنى ٣/ ٢٧٧، ومن طريقه البيهقى ٧/ ٣٩٨.
(٤) في س: "يتخذها".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: " مهما"، وفى س: "بهما".
(٦) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٣٢ (٦٩٤٧) من طريق أصبغ بن الفرج عن ابن زيد به.