للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يختارَ مختارٌ (تَظَّاهَرُونَ) بالتشديدِ طلبًا منه تتمةَ الكلمةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤه: ﴿وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ﴾. اليهودَ، يُؤنِّبُهم (١) بذلك، ويُعَرِّفُهم به قبيحَ أفعالِهم التى كانوا يَفْعَلونها، فقال لهم: ثم أنتم، بعد إقرارِكم بالميثاقِ الذى أخذْتُه عليكم ألا تَسْفِكوا دماءَكم، ولا تُخْرِجوا أنفسَكم من ديارِكم، تَقْتُلُونَ أنفُسَكم -يعنى به: يَقْتُلُ بعضُكم بعضًا- وأنتم مع قتلِكم مَن تَقْتلون منكم، إذا وجَدْتم الأسيرَ منكم في أيدى غيرِكم من أعدائِكم تَفْدُونهم ويُخْرِجُ بعضُكم بعضًا من دارِه، وقَتْلُكم إياهم وإخراجُكُموهم من ديارِهم حرامٌ عليكم، كما حرامٌ عليكم تَرْكُهم أَسْرى في أيدى عَدُوِّكم، فكيف تَسْتَجِيزونَ قتلَهم ولا تَسْتَجيزونَ تَرْكَ فدائِهم من عدوِّهم؟ أم كيف لا تَسْتَجيزون تَرْكَ فدائِهم، وتَسْتَجيزون قتلَهم، وهما جميعًا في اللازمِ لكم من الحكمِ فيهم سواءٌ؛ لأنَّ الذى حَرَّمْتُ عليكم مِن قَتْلِهم وإخراجِهم من دورِهم نظيرُ الذى حَرَّمْتُ عليكم من تَرْكِهم أَسْرَى في أيدى عدوِّهم، أتؤمنون ببعضِ الكتابِ الذى فرضْتُ عليكم فيه فرائضى وبَيَّنْتُ لكم فيه حُدُودى وأخذْتُ عليكم (٢) بالعملِ بما فيه ميثاقى - فتُصَدِّقون به، فتُفادُون أَسْراكم مِن أيدِى عدوِّكم، وتَكْفُرونَ ببَعْضِه، فتَجْحَدونه فتَقْتُلُون مَن حرَّمْتُ عليكم قتلَه مِن أهلِ دينِكم ومِن قومِكُم، وتُخْرِجونهم مِن ديارِهم، وقد علِمْتُم أن الكفرَ منكم ببَعْضِه نقضٌ منكم عهدى ومِيثاقى؟!


(١) في م: "يوبخهم".
(٢) في م: "عليه".