للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدنيا، ﴿أَرْدَاكُمْ﴾. يعنى: أهلَككم. يقالُ منه: أردَى فلانًا كذا وكذا. إذا أهلَكه، ورَدِيَ هو: إذا هلَك (١) فهو يردَى رَدًى، ومنه قولُ الأعشى (٢):

أفى الطَّوفِ خِفتِ عليَّ الرَّدَى … وكم من ردٍ أهلَه لم يَرِمْ

يعني: وكم من هالكٍ أهله لم يَرِمْ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿أَرْدَاكُمْ﴾. قال: أهلَككم.

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بن ثورٍ، عن معمر، قال: تلَا الحسنُ: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ﴾. فقال: [قال الله جل ثناؤه: "عبدي أنا عند ظنِّه بي، وأنا معه إذا دعانى". ثم نطق الحسنُ فقال] (٣): إنما عملُ [ابن آدمَ] (٤) على قدرِ [ظنَّه بربِّه] (٥)، فأما المؤمنُ فأحسَن باللَّهِ الظنَّ، فأحسَن العملَ، وأما الكافرُ والمنافقُ، فأساء الظنَّ، فأساء العملَ، قال ربُّكم: ﴿وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ﴾ حتى بلَغ: ﴿الْخَاسِرِينَ﴾ (٦).

قال معمر: وحدَّثني رجلٌ: إنه يؤمَرُ برجلٍ إلى النارِ، فيلتفتُ فيقولُ: يا ربِّ ما كان هذا ظني بك. قال: "وما كان ظنُّك بى"؟ قال: كان ظني أن تغفرَ لي ولا تعذِّبَنى. قال: "فإني عندَ ظنِّك بي" (٧).


(١) في الأصل: "أهلك".
(٢) تقدم تخريجه في ١٩/ ٥٤٩.
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الناس".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ظنونهم بربهم".
(٦) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٨٥ عن معمر به.
(٧) المصدر السابق ٢/ ١٨٦.