للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَالَهُمْ﴾. قال: حالَهم (١).

والبالُ كالمصدرِ مثلُ الشأنِ، لا يُعرفُ منه فعلٌ، ولا تكادُ العربُ تجمعُه إلا في ضرورةِ شعرٍ، فإذا جمَعُوه قالوا: بالاتٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي فعَلنا بهذين الفريقين من إضلالِنا أعمالَ الكافِرين، وتكفيرِنا عن الذين آمَنوا وعمِلوا الصالحاتِ - جزاءٌ منا لكلِّ فريقٍ منهم على فعِله؛ أما الكافِرون فأضلَلْنا أعمالَهم، وجعَلناها على غيرِ استقامةٍ وهدًى؛ بأنهم اتَّبعوا الشيطانَ فأطاعوه، وهو الباطلُ.

كما حدَّثني زكريا بنُ يحيى بن أبي زائدةَ وعباسُ بنُ محمدٍ، قالا: ثنا حجاجُ بنُ محمدٍ، قال: قال ابن جُرَيجٍ: أخبَرنى خالدٌ أنه سمِع مجاهدًا يقولُ: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ﴾. قال: الباطلُ الشيطانُ (٢).

وأما المؤمنون فكفَّرنا عنهم سيئاتِهم، وأصلَحنا لهم حالَهم؛ بأنهم اتَّبعوا الحقَّ الذي جاءَهم من ربِّهم، وهو محمدٌ ، وما جاءَهم به من عندِ ربِّه من النورِ والبرهانِ (٣)، ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ﴾. يقولُ ﷿: كما بيَّنتُ لكم أيُّها الناسُ فِعلى بفريقِ الكفرِ والإيمانِ، كذلك نمثِّلُ للناسِ الأمثالَ، ونشبِّهُ لهم الأشباهَ، فتُلحِقُ بكلِّ قومٍ من الأمثالِ أشكالًا.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٧/ ٢٨٩.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٦ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٣) بعده في ص، ت ١، ت ٣: "وهو".