وأبصارِهم وحَواسِّهم، مما أكَنَّتْه نفوسهم فلم يَظْهَرْ على جَوارِحِهم الظاهرةِ، فَيَنْهاهم ذلك عن خِداعِ أوليائِه بالنفاقِ والكذبِ، ويَزْجُرُهم عن إضْمارِ غيرِ ما يُبْدُونه، وإظهارِ خلافِ ما يَعْتَقِدونه؟
يقولُ تعالى ذكرُه: الذين يَلْمِزُون المُطَّوِّعِين في الصدقةِ على أهلِ المَسْكنةِ والحاجةِ بما لم يُوجِبْه اللهُ عليهم في أموالِهم، ويَطْعَنُون فيها عليهم بقولِهم: إنما تَصَدَّقوا به رياءً وسُمْعةً ولم يُريدوا وَجْهَ اللهِ. ويَلْمِزُون الذين لا يَجِدُون ما يَتَصَدَّقون به إلا جُهَدَهم، وذلك طاقتُهم، فينْتَقِصُونهم ويقولون: لقد كان اللهُ عن صدقةِ هؤلاء غَنِيًّا؛ سُخْرِيةً منهم بهم، ﴿فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ﴾.
وقد بَيَّنَّا صفةَ سُخْرِيةِ اللهِ بَمَن يَسْخَرُ به من خلقِه، في غيرِ هذا الموضعِ بما أغنَى عن إعادتِه ههنا (١).