للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحبِه له أن يَتَحمَّلَ عنه العذابَ، أن ضمانَه ذلك لا ينفعُه، ولا يُغنى عنه يومَ القيامةِ شيئًا؛ لأنَّ كلَّ عاملٍ فبعملِه مأخوذٌ.

وقولُه: ﴿ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ثم (١) يُثابُ بسَعْيِه ذلك الثوابَ الأَوْفى. وإنما قال جلّ ثناؤُه: ﴿الْأَوْفَى﴾؛ لأنه أَوْفى ما وعَد خَلْقَه عليه مِن الجزاءِ. والهاءُ في قولِه: ﴿ثُمَّ يُجْزَاهُ﴾. مِن ذكرِ "السَّعْيِ"، وعليه عادَت.

وقولُه: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : وأنّ إلى ربِّك يا محمدُ انتهاءَ جميعِ خَلْقِه ومرجِعَهم، وهو المُجازِي جميعَهم بأعمالِهم؛ صالحَهم وطالحَهم، ومُحسنَهم ومُسيئَهم.

وقولُه: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وأنّ ربَّك هو أَضْحَكَ أهلَ الجنةِ في الجنةِ؛ بدخولِهم إياها، وأَبْكى أهلَ النارِ في النارِ؛ بدخولِهموها، وأَضْحَك مَن شاء مِن أهل الدنيا، وأَبْكى من أراد أن [يُبْكيَه منهم] (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (٤٤) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (٤٧)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: وأنه هو أمات مَن مات (٣) مِن خَلْقِه، وهو أحيا مَن حَيِيَ (٤) منهم.

وعَنى بقولِه: ﴿وَأَحْيَا﴾ نفخَ الرُّوحِ في النطفةِ المَيِّتةِ، فجعَلها حيةً بتصييرِه


(١) سقط من: الأصل، ت ٢، ت ٣.
(٢) في الأصل: "يبكيهم معهم".
(٣) في ت ٢، ت ٣: "أمات".
(٤) في الأصل: "أحيا".