للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له [ومعرفةٍ به] (١)، فإنما يَجْتَرِحُ (٢) وبالَ ذلك الذنبِ وضُرَّه وخِزْيَه وعارَه على نفسِه دونَ غيرِه مِن سائرِ خلقِ اللَّهِ. يَقُولُ: فلا تجادِلوا أيُّها الذين تجادِلون عن هؤلاء الخونةِ، فإنكم وإن كنتم لهم عشيرةً وقرابةً وجيرانًا براءُ مما أتَوه مِن الذنبِ ومِن التبِعةِ (٣) التي يُتْبَعون (٤) بها، فإنكم متى دافَعتم عنهم أو خاصَمتم بسببِهم كنتم مثلَهم، فلا تُدافعوا عنهم ولا تخاصِموا.

وأما قولُه: ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾. فإنه يَعْنى: وكان اللهُ عالمًا بما تَفْعلون أيُّها المجادِلون عن الذين يَخْتانون أنفسَهم في جدالِكم عنهم وغيِر ذلك مِن أفعالِكم وأفعالِ غيرِكم، وهو يُحْصِيها عليكم وعليهم، حتى يجازِىَ جميعَكم بها ﴿حَكِيمًا﴾. يقولُ: وهو حكيمٌ بسياستِكم وتدبيرِكم وتدبيرِ جميعِ خلقِه. وقيل: نزَلت هذه الآيةُ في بنى أُبَيْرِقٍ، وقد ذكَرنا مَن قال ذلك فيما مضَى قبلُ.

القولُ في تأويل قولِه جل ثناؤه: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (١١٢)﴾.

قال أبو جعفر محمدُ بنُ جريرٍ : يَعْنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ومَن يَعْمَلْ خطيئةً، وهى الذنبُ، أو إثمًا، وهو ما لا يحلُّ مِن المعصيةِ.

وإنما فرَّق بينَ الخطيئةِ والإثمِ؛ لأن الخطيئةَ قد تَكُونُ مِن قِبَلِ العمدِ وغيرِ العمدِ، والإثمُ لا يَكُونُ إلا مِن العمدِ، ففصَل جلَّ ثناؤُه لذلك بينَهما، فقال: ومَن يَأْتِ خَطيئةً على غيرِ عمدٍ منه لها، أو إثمًا على عمدٍ منه، ﴿ثُمَّ يَرْمِ


(١) في الأصل: "مغفرة له".
(٢) في الأصل: "يحرج".
(٣) في ت ١، س: "البيعة".
(٤) في ت ١: "يبيعون".