للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: هذا كلامٌ خرَج مَخْرَجَ الخطابِ لرسولِ اللهِ ، والمرادُ به المقولُ لهم: ﴿أَوَلَمْ يَكْفُرُوا بِمَا أُوتِيَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ﴾ مِن كفارِ قريشٍ. وذلك أنه قيل للنبيِّ : قلْ يا محمدُ لمشركي قريشٍ أولم يَكْفُرْ هؤلاء الذين أمَروكم أن تقولوا: هلَّا أُوتِيَ محمدٌ مثلَ ما أُوتِى موسى. بالذي أوتِى موسى مِن قبلِ هذا القرآنِ، ويقولوا للذى أُنْزِل عليه وعلى عيسى: ﴿سِحْرَانِ تَظَاهَرَا﴾؟ فقولوا لهم: إن كنتم صادقين أن ما أُوتِى موسى وعيسى سحرٌ، فأْتوا بكتابٍ مِن عندِ اللهِ هو أهدى مِن كتابيهما. فإن هم لم يُجِيبوكم إلى ذلك فاعْلَموا أنهم كَذَبَةٌ، وأنهم إنما يَتَّبِعون في تكذيبِهم محمدًا، وما جاءهم به مِن عندِ اللهِ، أهواءَ أنفسِهم، ويَتْرُكون الحقَّ وهم يَعْلَمون.

يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن أَضَلُّ عن طريقِ الرَّشادِ وسبيلِ السَّدادِ، ممن اتَّبَع هوى نفسِه بغيرِ بيانٍ مِن عندِ اللهِ، وعهدٍ مِن الله، ويَتْرُكُ عهدَ اللهِ الذي عهِده إلى خلقِه في وحيِه وتنزيلِه؟

﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن الله لا يُوَفِّقُ لإصابةِ الحقِّ وسبيلِ الرشدِ القومَ الذين خالَفوا أمرَ اللهِ، وترَكوا طاعتَه، وكذَّبوا رسولَه، وبدَّلوا عهدَه، واتَّبعوا أهواءَ أنفسهم؛ إيثارًا منهم لطاعةِ الشيطانِ على طاعةِ ربِّهم.

القول في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥١) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ولقد وصَّلْنا يا محمدُ لقومِك مِن قريشٍ ولليهودِ مِن بنى إسرائيلَ القولَ بأخبارِ الماضين، والنبأَ عما أحْلَلْنا بهم مِن بأسِنا، إذ كذَّبوا رسلَنا،