للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه (١).

وزَعم بعضُ أهلِ العربيةِ (٢) أنَّ معنى قولِه: ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾. أنَّها تأتي مرَّةً جنوبًا، وشمالًا، وقبولًا، ودَبورًا. ثم قال: وذلك تصريفُها (٣).

وهذه الصفةُ التي وصَف الرياحَ بها صفةُ تَصَرُّفِها لا صفةُ تَصْرِيفها؛ لأنَّ تصريفَها تصريفُ اللهِ لها، وتصرُّفَها اختلافُ هُبُوبِها.

وقد يجوزُ أن يكونَ معنى قولِه: ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾: وتصريفِ اللهِ هبوبَ الرياحِ باختلافِ مَهابِّها.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤)﴾.

يعني بقوله: ﴿وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ﴾: وفي السحاب المُسخَّرِ.

و"السحابُ" جمعُ سحابةٍ. يَدُلُّ علَى ذلك قولُه جل ذكرُه: ﴿وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ﴾ [الرعد: ١٢].

ووحَّدَ المُسخَّرِ وذَكَّره، كما يُقالُ: هذه تمرةٌ، وهذا تمرٌ كثيرٌ، في جمعِه، وهذه نخلةٌ، وهذا نخلٌ.

وإنما قيل للسحاب: سحابٌ - إنْ شاء اللهُ - لجرِّ بعضِه بعضًا، وسَحْبِه إيَّاهُ.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٧٥ (١٤٧٤) من طريق شيبان، عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٦٤ إلى عبد بن حميد.
(٢) هو الفراء في معاني القرآن ١/ ٩٧.
(٣) في الأصل: "تصرفها".