للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كذلك، وكان الخبرُ قبلَ مجيءِ النكرةِ مُسْتَغْنِيًا عنها، كان وجهُ الكلامِ النصبِ، هذا مع إجماعِ الحُجَّةِ مِن القرأةِ عليه. وقد ذُكِر عن عبدِ اللَّهِ بن أَبي إسحاقَ رَفْعُ ذلك أنه قرأَه: (أُمَّةٌ واحدةٌ) (١) بنِيَّةِ تكريرِ الكلامِ، كأنه أراد: إنَّ هذه أمَّتُكم هذه (٢) أمةٌ واحدةٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ (٩٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وتَفَرَّق الناسُ في دينهم الذي أمرَهم اللَّهُ به ودَعاهم إليه، فصاروا فيه أحزابًا، فتَهَوَّدَتِ (٣) اليهودُ، وتَنَصَّرتِ النصارى، وعُبِدتِ الأوثانُ. ثم أخْبَر جلَّ ثناؤُه عمَّا هم إليه صائرون، وأن مرجعَ جميعِ أهلِ الأديانِ إليه، مُتَوَعِّدًا بذلك أهلَ الزَّيْغِ منهم والضلالِ، ومُعْلِمَهم أنه لهم بالمرصادِ، وأنه مُجازٍ جميعَهم جَزاءَه (٤)؛ المُحسنَ بإحسانِه، والمُسيءَ بإساءَتِه.

وبنحوِ الذي قُلْنا في تأويلِ قولِه: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾. قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أَخْبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾. قال: تقطَّعوا؛ اختلَفوا في الدينِ (٥).


(١) وهى قراءة الحسن والأشهب العقيلي وأبى حيوة وابن أبي عبلة والجعفى وهارون عن أبي عمرو والزعفراني. البحر المحيط ٦/ ٣٣٧.
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٣) في ص، ت ١، ف: "فهودت".
(٤) في م: "جزاء".
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٥ إلى المصنف.