وأهلُ الإيمانِ من أهلِ النفاقِ، ﴿وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ فنَعْرِفَ الصادقَ منكم من الكاذبِ.
وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾. وقولَه: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ﴾ [البقرة: ١٥٥]. ونحوَ هذا، قال: أخبَر اللَّهُ سبحانه المؤمنين أن الدنيا دارُ بلاءٍ، وأنه مُبْتَلِيهم فيها، وأمَرهم بالصبرِ وبشَّرهم، فقال: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾. ثم أخبَرهم أنه هكذا فعَل بأنبيائِه وصفوتِه؛ لتَطِيبَ أنفسُهم، فقال: ﴿مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا﴾ [البقرة: ٢١٤]. فالبأساءُ الفقرُ، والضراءُ السَّقَمُ، وزُلزلوا بالفتنِ وأذَى الناسِ إيَّاهم (١).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه ﷿: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ﴾. قال: نَخْتَبِرُكم. البلوى الاختبارُ. وقرَأ: ﴿الم (١) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ﴾ [العنكبوت:٢،١]. قال: لا يُختَبرون، ﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ الآية [العنكبوت: ٣].
واختلَفت القرأَةُ في قراءةِ قولِه: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾؛ فقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الأمصارِ بالنونِ "ونَبْلُو"
(١) أخرجه البيهقى في الشعب (٩٦٨٧) من طريق أبى صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٥٦، ٢٤٣ إلى ابن المنذر. وقد تقدم تخريجه عند ابن أبي حاتم في ٢/ ٧٠٤.