يعْنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ﴿ثُمَّ إِلَيّ﴾: ثم إلى اللهِ أيُّها المختلِفون في عيسى ﴿مَرْجِعُكُمْ﴾. يعنى: مَصيرُكم يومَ القيامةِ، ﴿فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾. يقولُ: فأَقْضِى حينَئذٍ بينَ جميعِكم في أمرِ عيسى بالحقِّ ﴿فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ مِن أمرِه.
وهذا مِن الكلامِ الذي صُرِف مِن الخبرِ عن الغائبِ إلى المُخاطَبةِ، وذلك أن قولَه: ﴿ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾. إنما قُصِد به الخبرُ عن مُتَّبِعى عيسى والكافِرين به.
وتأويلُ الكلامِ: وجاعلُ الذين اتَّبَعوك فوقَ الذين كفَروا إلى يومِ القيامةِ، ثم إليَّ مَرْجِعُ الفريقَيْن؛ الذين اتَّبَعوك والذين كفَروا بك، فأَحْكُمُ بينَهم فيما كانوا فيه يَخْتَلِفون. ولكن ردَّ الكلامَ إلى الخطابِ لسبوقِ (١) القولِ، على سبيل ما ذكَرْنا مِنَ الكلامِ الذي يَخْرُجُ على وجهِ الحكايةِ، كما قال: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ﴾ [يونس: ٢٢].