للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقالُ منه: أَجْرَمتُ إجرامًا وجَرَمْتُ أُجْرِمُ جَرْمًا. كما قال الشاعرُ (١):

طريدُ عشيرةٍ ورهينُ ذنبٍ … بما جَرَمَتْ يَدِي وَجَنَى لِساني

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (٣٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وأوحَى اللَّهُ إلى نوحٍ، لمَّا حقَّ على قومِه القولُ، وأظلَّهم (٢) أمرُ اللَّهِ: ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ﴾ يا نوحُ، باللَّهِ، فيوحِّدَه ويَتَّبِعَك على ما تَدْعوه إليه ﴿مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ فصَدَّق بذلك واتَّبَعك، ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ﴾. يقولُ: فلا تَسْتَكِنْ ولا تحزنْ ﴿بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾، فإني مُهلِكُهم، ومُنْقِذُك منهم ومَن اتَّبَعَك. وأَوْحَى اللَّهُ ذلك إليه بعدَما دعا عليهم نوحٌ بالهلاكِ، فقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦].

وهو تَفْتَعِلُ مِن البؤسِ، يقالُ: ابتأسَ فلانٌ بالأمرِ يَبْتَئِسُ ابْتئاسًا. كما قال لَبيدُ بنُ ربيعةَ (٣):

في مَأْتَمٍ كنِعاجِ صا … رَةَ (٤) يَبْتَئِسْنَ بما لَقِينا

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي


(١) هو الهَيْرُدان بن خطار السعدي، والبيت في مجاز القرآن ١/ ٢٨٨، واللسان (ج ر م).
(٢) في ص: "أطلهم".
(٣) شرح ديوان لبيد ص ٣٢٦.
(٤) صارة: جبل في ديار بني أسد. معجم البلدان ٣/ ٣٦١.