للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويعنى بالروضِ: جمعَ رَوْضةٍ. وإنما عنى جلَّ ثناؤُه بذلك الخبرَ عما هم فيه من السرورِ والنَّعيمِ.

كما حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ﴾ إلى آخرِ الآيةِ. قال: في رياضِ الجنةِ ونعيمِها.

وقولُه: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ يقولُ: للذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ عند ربِّهم في الآخرةِ ما تَشْتَهِيه أنفسهم، وتَلَذُّه أعينُهم، ﴿ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي أعطاهم اللهُ مِن هذا النعيمِ وهذه الكرامةِ في الآخرة ﴿هُوَ الْفَضْلُ﴾ مِن اللهِ عليهم، ﴿الْكَبِيرُ﴾ الذي يَفْضُلُ كلَّ نعيمٍ وكرامةٍ في الدنيا، من بعضِ أهلِها على بعضٍ.

القول في تأويلِ قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: هذا الذي أخْبَرْتُكم أيُّها الناسُ أنى أعْدَدْتُه للذين آمنوا وعملوا الصالحات في الآخرةِ من النعيمِ والكرامة - البُشْرَى التي يُبَشِّرُ اللهُ بها عبادَه الذين آمنوا به في الدنيا، وعمِلوا بطاعتِه فيها، ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : قلْ يا محمدُ للذين يُمارُونك في الساعةِ من مُشْرِكي قومِك: لا أسْألكم أيُّها القومُ على دِعايتِكم (١) إلى ما أدْعُوكم إليه من الحقِّ الذي جئتُكم به، والنصيحةِ التي أنْصَحُكم - ثوابًا وجزاءً وعِوَضًا من أموالِكم تُعْطُونَنِيهِ (٢) ﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾.


(١) في ت ٢، ت ٣: "دعائكم"، وكلاهما بمعنى.
(٢) في الأصل: "تعطونيه".