للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمهاتِ أولادِكم الذين يُرْضِعون حقوقَهن. بأوْلَى منه بأن يكونَ مَعْنيًّا به: إذا سلَّمْتُم ذلك إلى المَراضِعِ سِواهن. ولا الغرائبُ مِن المولودِ بأولى أن يَكُنَّ مَعْنيَّاتٍ بذلك مِن الأمهاتِ، إذ كان اللَّهُ تعالى ذكرُه قد أوْجَب على أبي المولودِ لكلِّ مَن اسْتَأْجَره لرَضاعِ ولدِهِ مِن تسليمِ أجرتِها إليها مثلَ الذي أوْجَب عليه مِن ذلك للأُخرى، فلم يَكُنْ لنا أن نُحِيلَ ظاهرَ تَنْزيلٍ إلى باطنٍ، ولا نقْلَ عامٍّ إلى خاصٍّ، إلا بحُجَّةٍ يَجِبُ التسليمُ لها - فصحَّ بذلك ما قلْنا.

وأما معنى قولِه: ﴿بِالْمَعْرُوفِ﴾. فإن معناه: بالإجْمالِ والإحْسانِ وتركِ البَخْسِ والظلمِ فيما وجَب للمَراضِعِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾: وخافوا اللَّهَ فيما فرَض لبعضِكم على بعضٍ مِن الحقوقِ، وفيما ألْزَم نساءَكم لرجالِكم، ورجالَكم لنسائِكم، وفيما أوْجَب عليكم لأولادِكم، فاحْذَرُوه أن تُخالِفوه فتَعْتَدُوا في ذلك وفي غيرِه مِن فَرائضِه وحقوقِه وحُدُودِه، فتَسْتَوْجِبوا بذلك عقوبتَه، واعْلَموا أن اللَّهَ بما تَعْمَلون مِن الأعمالِ أيُّها الناسُ؛ سرِّها وعَلانيتِها، وخَفِيِّها وظاهرِها، وخيرِها وشرِّها، بصيرٌ يَراه ويَعْلَمُه، فلا يَخْفَى عليه شيءٌ، ولا يتغيَّبُ (١) عنه منه شيءٌ، فهو يُحْصِي ذلك كلَّه عليكم حتى يُجازِيَكم بخيرِ ذلك وشرِّه.

ومعنى ﴿بَصِيرٌ﴾: ذو إبْصارٍ. وهو في معنى مُبْصِرٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ


(١) في م: "يغيب".