للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المحافظة على فَرْجِه وثيابِه. قال: فكانوا يقولون ما يحمِلُه على ذلك إلا عيبٌ في فرجِه، يكرَهُ أن يُرَى. فقام يومًا يغتسلُ في الصحْراءِ، فوضَع ثيابَه على صخرةٍ، فاشتدَّت بثيابِه، قال: وجاء يطلُبُها عُرْيانًا، حتى اطَّلَع عليهم عُرْيانًا، فرَأَوه بريئًا مما قالوا: ﴿وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا﴾. قال: والوجيهُ في كلامِ العربِ: المُحَبُّ المقبولُ (١).

وقال آخرون: بل وصَفوه بأنه أبرصُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا يعقوبُ، عن جعفرٍ، عن سعيدٍ، قال: قال بنو إسرائيلَ: إن موسى آدَرُ. وقالت طائفةٌ: هو أبرصُ. مِن شدةِ تَسَتُّرِه، وكان يأتى كلَّ يوم عَيْنًا، فيغتسلُ ويضعُ ثيابَه على صخرةٍ عندَها، فعدَتِ الصخْرةُ بثيابِه حتى انتهتْ إلى مجلسِ بني إسرائيلَ، وجاء موسى يطلبُها، فلما رَأَوه عُرْيانًا ليس به شيءٌ مما قالوا، لَبِس ثيابَه، ثم أقبَل على الصخرةِ يضربُها بعصاه، فأَثَّرَتِ العصا في الصخرةِ.

حدَّثنا بحرُ بنُ حبيبِ بن عربيٍّ، قال: ثنا رَوْحُ بنُ عبادةَ، قال: ثنا عوفٌ، عن محمدٍ، عن أبي هريرةَ، في هذه الآيةِ: ﴿لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا﴾ الآية. قال رسولُ اللَّهِ : "إن موسى كان رَجُلًا حَيِيًّا سَتِيرًا، لا يَكادُ يُرَى مِن جِلده شيءٌ، اسْتِحْياءً منه، فآذَاه مَن آذاه من بني إسرائيلَ، وقالوا: ما يَسْتَتِرُ (٢) هذا التَّسَتُّرَ إلا مِن عيبٍ في جلدِه؛ إما بَرَصٍ، وإما أُدْرَةٍ، وإما آفَةٍ، وإن اللَّهَ


(١) ينظر البحر المحيط ٧/ ٢٥٣.
(٢) في م: "تستر".