للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا حكَّامٌ، عن عنبسةَ، عن الكلبيِّ: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ﴾: من الذَّنبِ، ﴿وَآمَنَ﴾ من الشِّركِ، ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾ أَدَّى ما افتَرَضتُ عليه، ﴿ثُمَّ اهْتَدَى﴾ عرَف مُثيبَه إن خيرًا فخيرًا وإن شرًّا فشرًّا (١).

وقال آخرون بما حدَّثنا إسماعيلُ بن موسى الفَزارِيُّ، قال: ثنا عمرُ بن شاكرٍ، قال: سمعتُ ثابتًا البُنانيَّ يقولُ في قوله: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾. قال: إلى ولاية أهل بيت النبيِّ (٢).

قال الطبريُّ: وإنما اخْتَرْنا القول الذي اخْتَرنا في ذلك من أجل أن الاهتداء هو الاستقامةُ على هُدًى، ولا معنى للاستقامة عليه إلا وقد جمَعه الإيمانُ والعملُ الصالحُ والتوبةُ (٣)، فمَن فعَل ذلك وثبت عليه فلا شَكَّ في اهْتِدَائِه.

القولُ في تأويل قوله جل ثناؤُه: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (٨٣) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (٨٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ﴾: وأَيُّ شيءٍ أَعْجَلَك ﴿عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى﴾ فَتَقَدَّمتهم وخَلَّفْتَهم وراءَكَ ولم تكن معهم؟

﴿قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي﴾. يقولُ: قومى على أَثَرِى يَلْحَقون بي، ﴿وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى﴾. يقولُ: وعَجِلتُ أنا فسَبَقتُهم ربِّ كَيما ترضَى عَنِّي.

وإنَّما قال الله جلَّ وعزَّ لموسى: ﴿وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ﴾؛ لأنه جلَّ ثناؤُه، فيما بلَغَنا، حين نَجَّاه وبنى إسرائيل من فرعون وقومه وقَطَع بهم البحر،


(١) ذكره البغوي في تفسيره ٥/ ٢٨٨، والقرطبي ١١/ ٢٣١ عن الكلبي.
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره ١١/ ٢٣١ عن ثابت.
(٣) في الأصل: "التقوى".