للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكُسرت "إِنَّ" من قولِه: ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾؛ لأن ذلك خيرٌ مِنَ اللهِ مبتدأٌ، ولم يَعْمَلْ فيها القولُ؛ لأن القولَ عُنِيَ به قولُ المشركين، وقولُه: ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ لم يكنْ من قبلِ المشركين، ولا هو خيرٌ عنهم أنهم قالوه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٦٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿أَلَا إِنَّ لِلَّهِ﴾ يا محمدُ، كلَّ ﴿مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ﴾ مُلْكًا وعبيدًا، لا مالكَ لشيءٍ مِن ذلك سِواه. يقولُ: فكيف يكونُ إلهًا معبودًا من يعبدُه هؤلاء المشركون مِن الأوثانِ والأصنامِ، وهى للهِ مِلْكٌ، وإنما العبادةُ للمالكِ دونَ المملوكِ، وللربِّ دونَ المربوبِ، ﴿وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ﴾. يقولُ جل ثناؤُه: وأَيُّ شَيءٍ يَتَّبِعُ مَن يَدْعو من دونِ اللهِ، يعني: غيرَ اللهِ وسِواه، شركاءَ. ومعنى الكلامِ: أَيُّ شَيْءٍ يَتَّبِعُ مَن يقولُ: للهِ شركاءُ فى سلطانِه ومُلْكِه. كاذبًا، واللهُ المُنْفرِدُ بمُلْكِ كلِّ شيءٍ في سماءٍ كان أو أرضٍ! ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾. يقولُ: ما يَتَّبِعون في قيلِهم ذلك ودَعْواهم إلا الظَّنَّ، يقولُ: إِلا الشَّكَ لا اليقينَ، ﴿وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ﴾. يقولُ: وإن هم إلا يَتَقَوَّلون الباطلَ تَظَنُّنًا وتَخَرُّصًا للإفكِ، عن غير علمٍ منهم بما يقولون.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إِنَّ رَبَّكم أَيُّها الناسُ الذي اسْتوجَبَ عليكم العبادةَ ﴿هُوَ﴾ الربُّ ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ﴾ وفَصَلَه مِن النهارِ ﴿لِتَسْكُنُوا فِيه﴾ مما كنتم فيه في نهارِكم مِن التَّعَبِ والنَّصَبِ، وتَهْدَءُوا فيه مِن التصرُّفِ والحركةِ