للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا﴾: بئسما استبدَلوا بعبادةِ ربِّهم إذ أطاعوا إبليسَ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (٥١)﴾.

يقولُ عزَّ ذكرُه: ما أشهَدتُ إبليس وذرِّيتَه ﴿خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. يقولُ: ما أحضَرتُهم ذلك فأسْتَعينَ بهم على خلقِها، ﴿وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ﴾. يقولُ: ولا أَشْهَدتُ بعضَهم أيضًا خلقَ بعضٍ مِنهم، فأستعينَ به على خلقِه، بل تفَرَّدتُ بخلقِ جميعِ ذلك بغيرِ مُعينٍ ولا ظَهيرٍ. يقولُ: فكيف اتَّخَذوا عدوَّهم أولياءَ من دُونى، وهم خلقٌ مِن خلقى (٢) أمثالُهم، وترَكوا عبادتي وأنا المُنعِمُ عليهم وعلى أسلافِهم، وخالقُهم وخالقُ مَن يُوَالونه من دونى منفردًا بذلك من غيرِ مُعينٍ ولا ظَهيرٍ.

وقولُه: ﴿وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا﴾. يقولُ: وما كنتُ مُتَّخِذَ مَن لا يهدِى إلى الحقِّ ولكنَّه يُضلُّ فمَن تَبِعَه يجورُ به عن قصدِ السبيلِ، أعوانًا وأنصارًا. وهو من قولِهم: فلانٌ يَعضُدُ فلانًا؛ إذا كان يقوِّيه ويُعينُه.

وبنحوِ ذلك قال بعضُ أهلُ التأويلِ.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٢٨ إلى ابن أبي حاتم.
(٢) في م: "خلق".