للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن جُرَيجٍ: كانت العربُ إذا كرِهوا شيئًا قالوا: حجرًا. فقالوا حين عايَنوا الملائكة (١).

قال ابن جريجٍ: قال مجاهدٌ: ﴿حِجْرًا﴾: عَوْدًا، يَسْتَعِيذُون مِن الملائكةِ.

قال أبو جعفرٍ: وإنما اختَرنا القولَ الذي اختَرنا في تأويلِ ذلك؛ مِن أجلِ أنَّ الحِجْرَ هو الحرامُ، فمعلومٌ أن الملائكةَ هي التي تخبرُ أهلَ الكفرِ أن البُشرى عليهم حرامٌ. وأمَّا الاستعاذةُ فإنها الاستجارةُ، وليست بتحريمٍ، ومعلومٌ أن الكفارَ لا يقولون للملائكة: حرامٌ عليكم. فيوجَّهَ الكلامُ إلى أن ذلك خبرٌ عن قيلِ المجرمين للملائكةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (٢٣) أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا (٢٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَقَدِمْنَا﴾: وعمَدنا إلى ما عمِل هؤلاء المجرمون مِن عملٍ. ومنه قولُ الراجزِ (٢):

وقدِم الخوارجُ الضُّلّالُ

إلى عبادِ ربِّهم وقالوا

إن دماءكم لنا حلالُ

يعنى بقوله: قدم: عمَد.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) ينظر تفسير البغوي ٦/ ٧٨، ٧٩
(٢) مجاز القرآن لأبي عبيدة ٢/ ٧٤، وتفسير القرطبي ١٣/ ٢١.