للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليهما إذا وجَدا سبيلًا إلى كاتبٍ وشهيدٍ، وكان البيعُ أو الدَّينُ إلى أجلٍ مسمًّى، أن يَكْتُبا ذلك ويُشْهدا على المالِ والرهنِ، وإنما يَجُوزُ تركُ الكتابِ والإشهادِ في ذلك، حيث لا يَكُونُ لهما إلى ذلك سبيلٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٢٨٣)﴾.

وهذا خطابٌ مِن اللَّهِ، جلَّ ثناؤُه، الشهودَ الذين أمَر المُستدينَ وربَّ المالِ بإشهادِهم، فقال لهم: ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾، ولا تَكْتُمُوا أَيُّها الشهودُ بعدَ ما شهِدتم شهادتَكم عندَ الحاكمِ، كما شهِدتم على ما شهِدتم عليه، ولكن أجيبوا مَن شهِدتم له، إذا دعاكم لإقامةِ شهادتِكم على خَصمِه على حقِّه عندَ الحاكمِ الذي يأخُذُ له بحقِّه، ثم أخبرَ الشاهدَ جلَّ ثناؤُه ما عليه في كتمانِ شهادتِه، وإبائِه مِن أدائِها والقيامِ بها عندَ حاجةِ المُسْتَشْهِدِ إلى قيامِه بها عندَ حاكمٍ أو ذى سلطانٍ، فقال: ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا﴾. يعنى: ومن يَكْتُمْ شهادتَه، ﴿فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾. يقولُ: فاجرٌ قلبُه، مُكتَسِبٌ بكتمانِه إياها معصيةَ اللَّهِ.

كما حدَّثنا المثنى، قال: حدَّثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ في قولِه: ﴿وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾. فلا يَحِلُّ لأحدٍ أن يَكْتُم شهادةً هي عندَه، وإن كانت على نفسه والوَالدَين، ومَن كتَمها فقد ركب إثمًا عظيمًا (١).

حدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ﴾، يقولُ: فاجرٌ قلبُه (٢).


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٧١ (٣٠٥٠) من طريق ابن أبي جعفر به نحوه.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٧٢ (٣٠٥٣) من طريق عمرو به.