للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة مثل ذلك (١).

قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: أُمروا باستماع القرآن في الصلاةِ إذا قرأ الإمامُ، وكان من خلفه ممن يأتم به يَسْمَعُه، وفي الخطبة.

وإنما قلنا: ذلك أولى بالصواب؛ لصحة الخبر عن رسول الله أنه قال: "إِذَا قرأ الإمامُ فأنْصِتوا" (٢). وإجماع الجميع على أن مَن سَمِع خطبة الإمامِ ممن عليه الجمعة، الاستماع والإنصاتُ لها، مع تتابع الأخبار بالأمر بذلك عن رسول الله ، وأنَّه لا وقتَ يجبُ على أحدٍ استماعُ القرآنِ والإنصات لسامعه من قارئه إلا في هاتين الحالتين، على اختلاف في إحداهما، وهي حالة أن يكون خلف إمام مؤتم به. وقد صح الخبر عن رسول الله بما ذكرنا من قوله: "إذا قرأ الإمام فأَنْصِتُوا". فالإنصاتُ خلفه لقراءته واجبٌ على مَن كان به مؤتمًا سامعا قراءته بعموم ظاهر القرآن والخبر عن رسول الله .

القولُ في تأويل قوله: ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ (٢٠٥)﴾.

يقول تعالى ذكره: واذكر أيها المستمِع المنصتُ للقرآن، إذا قُرى في صلاةٍ أو خطبة - ﴿رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ﴾. يقولُ: اتعِظْ بما في آي القرآنِ، واعتبر به،


(١) أخرجه عبد الرزاق في المصنف (٥٣٦٩) عن ابن جريج به نحوه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٥٧ إلى أبى الشيخ بنحو لفظ عبد الرزاق.
(٢) جزء من حديث أخرجه أحمد ٤/ ٤١٥ (الميمنية)، ومسلم (٤٠٤/ ٦٣)، وأبو داود (٩٧٣)، وابن ماجه (٨٤٧) من حديث أبي موسى. وأخرجه أحمد ١٤/ ٤٦٩ (٨٨٨٩)، وأبو داود (٦٠٤)، وابن ماجه (٨٤٦)، والنسائي (٩٢٠، ٩٢١)، من حديث أبي هريرة.
وقد اختلف فيه، فصححه مسلم، والمصنف كما سيأتي، والحافظ في الفتح ٢/ ٢٤٢، وغيرهم، وردّه ابن معين وأبو داود وأبو حاتم وغيرهم. ينظر سنن البيهقي ٢/ ١٥٦، ١٥٧، وينظر نصب الراية ٢/ ١٤ - ١٧.