للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾. أبَ اللهُ إلا أن يُمَحِّصَ (١).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأَعْلَى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثَوْرٍ، عَن مَعْمَرٍ، عن الحسنِ: ﴿وَلِيجَةً﴾. قال: هو الكفرُ والنفاقُ - أو قال أحدَهما (٢).

وقيل: ﴿أَمْ حَسِبْتُمْ﴾، ولم يَقُلْ: أحَسِبْتُم، لأنه مِن الاستفهامِ المُعْتَرَضِ في وسط الكلامِ، فأدخِلت فيه ﴿أَمْ﴾ ليُفرِّقَ بينَه وبينَ الاستفهامِ المبتدأ. وقد بَيَّنتُ نظائرَ ذلك في غيرِ موضعٍ مِن الكتابِ (٣).

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (١٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ما ينبغى للمشركين أن يَعْمُروا مساجدَ اللهِ، وهم شاهِدون على أنفِسهم بالكفرِ. يقولُ: إن المساجدَ إنما تُعْمَرُ لعبادِة اللهِ فيها، لا للكفرِ به. فمَن كان باللهِ كافرًا، فليس مِن شأنه أن يَعْمُرَ مساجدَ اللهِ.

وأمَّا شهادتُهم على أنفسِهم بالكفرِ، فإنها كما حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بن المُفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ قولَه: ﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾. يقولُ: ما ينبغى لهم أن يَعْمُرُوها. وأمَّا: ﴿شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ﴾، فإن النصرانيِّ يُسْأَلُ: ما


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٦٤، ٩/ ٣٠٣٢ من طريق أصبغ عن ابن زيد، ٩/ ٣٠٣٢.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٦٥ (١٠٠٤٧) من طريق محمد بن عبد الأعلى به، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٦٨ عن معمر به.
(٣) ينظر ما تقدم في ٢/ ٤١١ - ٤١٣، ٥٨٥، ٣/ ٦٢١، ومعاني القرآن ١/ ٤٢٦.