للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرُه، وقد جاءتكم حُجَّةٌ [مِن ربِّكم] (١) وبرهانٌ على صدقِ ما أقولُ وحقيقةِ ما إليه أدْعُو؛ مِن إخلاصِ التوحيدِ للهِ، وإفرادِه بالعبادةِ دونَ ما سِواه، وتَصْديقى على أني له رسولٌ، وبَيِّنتى على ما أقولُ، وحقيقةِ ما جئتُكم به مِن عندِ ربي، وحُجَّتي عليه - هذه الناقةُ التي أخْرجَها اللَّهُ مِن هذه الهَضْبةِ، دليلًا على نُبُوَّتى، وصدقِ مَقالتي، فقد عَلِمتم أن ذلك مِن المعجزاتِ التي لا يقدِرُ على مثلِها أحدٌ إلا اللهُ.

وإنما استشهَد صالحٌ، فيما بَلَغنى، على صحةِ نبوَّتِه عندَ قومِه ثمودَ بالناقةِ؛ لأنهم سألوه إيَّاها آيةً ودَلالةً على حقيقةِ قولِه.

ذكرُ مَن قال ذلك، وذكرُ سببِ قتلِ قومِ صالحٍ الناقةَ

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا إسرائيلُ، عن عبدِ العزيزِ بن رُفَيحٍ، عن أبي الطُّفَيلِ، قال: قالت ثمودُ لصالحٍ: اتْيِنا بآيَةٍ إنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ: فقال لهم صالحٌ: اخْرُجوا إلى هَضْبةٍ مِن الأرضِ. فخَرَجوا، فإذا هي تَمَخَّضُ كما تتمخَّضُ الحاملُ، ثم إنها انفَرَجَت، فخَرَجَت مِن وسطِها الناقةُ، فقال صالحٌ: ﴿هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [الأعراف: ٧٣]. ﴿لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء: ١٥٥]. فلما مَلُّوها عَقَرُوها، فَقَالَ لهم: ﴿تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ﴾ [هود: ٦٥].

قال عبدُ العزيزِ: وحدَّثنى رجلٌ آخَرُ، أن صالحًا قال لهم: إن آيةَ العذابِ أن تُصبحوا غدًا حُمْرًا، واليومَ الثانِيَ صُفْرًا، واليومَ الثالثَ سُودًا. قال: فصَبَّحَهم العذابُ، فلما رَأَوا ذلك تَحنَّطُوا واسْتعدُّوا (٢).


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ٢٣٠، ٢٣١، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥١٢ (٨٦٦٦) من غير ذكر قول عبد العزيز، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩٨ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.