للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿لَا يَبْغِيَانِ﴾. قال: لا يَبْغِي أحدُهما أن يَلْقى صاحبَه (١).

وأولى الأقوالِ في ذلك عندي بالصوابِ أن يقالَ: إن اللَّهَ وصَف البحرين اللذين ذكَرَهما في هذه الآيةِ أنهما لا يَبغيان، ولم يَخْصُصْ وصفَهما بذلك في شيءٍ دون شيءٍ، بل عمَّ الخبرَ عنهما بذلك، فالصوابُ أن يُعَمَّ كما عمَّ جلَّ ثناؤُه، فيقالَ: إنهما لا يَبْغِيان على شيءٍ، ولا يَبْغِي أحدُهما على صاحبِه، ولا يَتَجاوزان حدَّ اللَّهِ الذي حدَّه لهما.

وقولُه: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾، يقولُ تعالى ذكرُه: فبأىِّ نعمِ ربِّكما معشرَ الجنِّ والإنسِ، مِن هذه النعمِ التي أنْعَم عليكم مِن مَرْجِه البحرين، حتى جعَل لكم بذلك حِلْيَةً تَلْبَسونها - تُكذِّبان (٢)؟

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ (٢٢) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٣) وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ (٢٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٢٥)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه: يَخْرُجُ مِن هذين البحرين اللذين مرَجَهما اللَّهُ، وجعَل بينَهما بَرْزَخًا - اللؤلؤُ والمَرْجانُ.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في صفةِ اللؤلؤِ والمرجانِ؛ فقال بعضُهم: اللؤلؤُ ما عظُم مِن الدُّرِّ، والمَرْجانُ ما صغُر منهما (٣).


(١) ذكره القرطبي في تفسيره ١٧/ ١٦٢.
(٢) في ص، م، ت ١: "كذلك".
(٣) في م: "منه".