للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يَحتمِلُ أن يقالَ: معنى: أَتَتْ قومَ نوحٍ وعادٍ وثمودَ وسائرَ الأممِ الذين ذَكَرهم اللهُ في هذه الآية - رسلُهم من اللهِ بالبيناتِ.

وقولُه: ﴿فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ﴾. يقولُ جل ثناؤه: فما أهْلَكَ اللَّهُ هذه الأممَ التي ذَكَر أنه أهْلَكها إلا بإجْرامِها وظلمِها أنفسَها واسْتحقاقِها مِن اللهِ عظيمِ العقابِ، لا ظلمًا مِن اللهِ لهم، ولا وضعًا منه جلّ ثناؤه عقوبةً في غيرِ مَن هو لها أهلٌ؛ لأن الله حكيمٌ لا خَلَلَ في تدبيرِه، ولا خطأَ في تقديرِه، ولكن القومَ الذين أَهْلَكَهم ظَلَموا أنفسهم بمعصيةِ اللهِ وتكذيبِهم رسلَه، حتى أسْخَطوا [عليهم ربِّهم، فحَقَّتْ عليهم] (١) كلمةُ العذابِ فعُذِّبوا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وأما المؤمنون والمؤمناتُ، وهم المُصَدِّقون باللهِ ورسولِه وآياتِ كتابه، فإن صفتَهم؛ أن بعضَهم أنصارُ بعضٍ وأعوانُهم، ﴿يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾. يقولُ: يأمُرون الناسَ بالإيمانِ باللهِ ورسولِه، وبما جاء به مِن عندِ الله، ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾. يقولُ: ويؤدُّون الصلاةَ المفروضةَ، ﴿وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾. يقولُ: ويُعْطُون الزكاةَ المفروضةَ أهلَها، ﴿وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾، فيأتَمِرون لأمرِ اللهِ ورسولِه، ويَنْتَهُون عما نَهياهم (٢) عنه، ﴿أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ﴾. [يقولُ: هؤلاء الذين هذه صفتُهم، الذين سيرحمُهم اللهُ] (٣)، فيُبْعِدُهم (٤)


(١) في ت ١، ت ٢، س، ف: "عليها".
(٢) في م، ت ١: "نهيناهم".
(٣) سقط من: ت ١، ت ٢، س، ف.
(٤) في ف: "فيعذبهم".