للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحدَّثنى يونسُ، قال: أخبرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾. قال: قد تَبَيَّنَ لهم أنه رسولُ اللهِ.

فدَلَّ جلَّ ثناؤُه بقيلِه ذلك أن كُفْرَ الذين قَصَّ قِصَّتَهم في هذه الآيةِ باللهِ وبرسولِه، عنادٌ، وعلى علمٍ منهم ومعرفةٍ بأنهم على اللهِ مُفْتَرُون.

كما حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: ثنا عثمانُ بنُ سعيدٍ، قال: ثنا بشرُ بنُ عُمارةَ، عن أبى رَوْقٍ، عن الضحاكِ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾: يقولُ اللهُ تعالى ذكرُه: من بعدِ ما أضاءَ لهم الحقُّ لم يَجْهَلُوا منه شيئًا، ولكنَّ الحسدَ حملَهم على الجَحْدِ، فعيَّرهم اللهُ ولامَهم ووَبَّخَهم أشدَّ الملامةِ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾.

يعنى جل ثناؤُه بقولِه: ﴿فَاعْفُوا﴾: فتجاوَزُوا عما كان منهم من إساءةٍ وخطأٍ في رأىٍ أشارُوا به عليكم في دينِكم، إرادةَ صدِّكم عنه، ومحاولةَ ارتدادِكم بعد إيمانِكم، وعما سلَفَ منهم من قيلِهم لنبيِّكم : ﴿وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ﴾ [النساء: ٤٦]. ﴿وَاصْفَحُوا﴾ عما كان منهم من جهلٍ في ذلك ﴿حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ﴾، فيُحْدِثَ لكم من أمرِه فيهم (٢) ما يشاءُ، ويَقْضِىَ فيهم بما (٣) يريدُ. فقضَى فيهم [بعدَ ذلك] (٤) تعالى ذكرُه، وأتَى بأمرِه، فقال لنبيِّه وللمؤمنين به: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ


(١) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢٠٥ (١٠٨٦) من طريق أبي كريب به.
(٢) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فيكم".
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ما".
(٤) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.