للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاجتنبوا لذلك معاصِيَه، وأدَّوْا فرائضَه - إلى ربِّهم ﴿وَفْدًا﴾، يَعْنى بالوفدِ (١) الرَّكْبانَ. يقالُ: وَفَدْتُ على فلانٍ. إذا قدمت عليه. وأوْفَدَ القومُ وفدًا على أميرِهم. إذا بعَثُوا مِن قِبلهم بَعْثًا. والوفدُ في هذا الموضعِ بمعنى الجمعِ، ولكنَّه وُحِّد؛ لأنه مصدرٌ، واحدُهم وافدٌ، وقد يُجمَعُ الوفدُ: الوفودَ كما قال بعضُ بني حَنِيفةَ:

إني لَمُمْتَدِحٌ بما بما (٢) هو صانِعٌ … رأس الوفودِ مُزاحِمَ بنَ جِسَاسِ

وقد يكونُ الوفودُ في هذا الموضعِ جمعَ وافدٍ، كما الجلوسُ جمعُ جالسٍ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني زكريا [بنُ يحيى] (٣) بن أبى زائِدَةَ، قال: ثنا ابن فُضَيلٍ، عن عبدِ الرحمنِ بن إسحاقَ، عن النُّعْمانِ بن سعدٍ، عن عليٍّ في قولِه: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا﴾. قال: أمَا واللهِ ما يُحْشَرُ الوفدُ على أَرْجُلِهم، ولا يُساقُون سَوْقًا؛ ولكنَّهم يُؤتَوْن بنُوقٍ لم يَرَ الخلائقُ مثلَها، عليها رِحالُ الذهبِ، وأزِمَّتُها الزَّيَرْجَدُ، فيَرْكَبون عليها حتى يَضْرِبُوا أبوابَ الجنةِ (٤).

حدَّثنا محمدُ بنُ المثنى، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ مهديٍّ، عن شُعْبَةَ، عن


(١) في ص، ت ١، ف: "بالوفود".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ف: "فما".
(٣) سقط من: ت ٢. وينظر الجرح والتعديل ٣/ ٥٩٣، ٦٠١، وتهذيب الكمال ٩/ ٣٥٩، وتهذيب التهذيب ٣/ ٣٢٩، ٣٣٥.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة ١٣/ ١١٩، وعبد الله بن أحمد في زوائده على المسند: المسند ٢/ ٤٤٧ (١٣٣٣)، والحاكم ٤/ ٥٦٥، والبيهقى في شعب الإيمان (٣٥٨)، كلهم من طريق عبد الرحمن بن إسحاق به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٨٥ لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وغيرهم.