للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معه مالًا، أين المالُ؟ ﴿أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ يُنذِرُ معه ﴿إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ﴾ فَبَلِّغْ ما أُمِرتَ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٣)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: كَفاك حجةً على حقيقةِ ما أتيتَهم به، ودلالةً على صحةِ نبوَّتِك، هذا القرآنُ مِن سائرِ الآياتِ غيرِه، إذ كانت الآياتُ إنما تكونُ لمن أُعْطِيها دلالةً على صدقِه، لعجزِ جميعِ الخلقِ عن أن يأتوا بمثلِها.

وهذا القرآنُ جميعُ الخلقِ عَجَزَةٌ (٢) عن أن يأتوا بمثلِه، فإن هم قالوا: افتريتَه. أي: اختلَقْتَه وتكذَّبتَه، ودلَّ على أن معنى الكلامِ ما ذكرنا قولُه: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾ إلى آخر الآيةِ.

ويعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ﴾، أي: أيقولون افتراه؟ وقد دلَّلنا على سببِ إدخالِ العربِ "أم" في مثلِ هذا الموضعِ (٣).

فقلْ لهم يأتوا بعشرِ سورٍ مثلِ هذا القرآنِ. ﴿مُفْتَرَيَاتٍ﴾، يعني: مُفْتَعَلاتٍ مختلَقاتٍ (٤)، إن كان ما أتيتُكم به مِن هذا القرآنِ مُفْتَرًى، وليس بآيةٍ مُعْجِزَةٍ كسائرِ


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ٢٠٠٨ من طريق آخر عن ابن جريج من قوله حتى قوله: "أرسلت"، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٣٢٢ إلى المصنف وأبي الشيخ عن ابن جريج مطولًا.
(٢) في م: "عجزت".
(٣) ينظر ما تقدم في ٢/ ٤١١.
(٤) في م: "مختلفات".