كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن محمدِ بن جعفرِ بن الزبيرِ: ﴿رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ﴾. أي: هكذا كان قولُهم وإيمانُهم (١).
يعْنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ومكَر الذين كفَروا من بني إسرائيلَ. وهم الذين ذكَر اللهُ أن عيسى أحَسَّ منهم الكفرَ.
وكان مكرُهم الذي وصَفَهم اللهُ به مُواطَأةَ بعضِهم بعضًا على الفَتْكِ بعيسى وقتلِه، وذلك أن عيسى صلواتُ اللهِ عليه بعدَ إخْراجِ قومِه إيَّاه وأمَّه مِن بين أظهُرِهم، عاد إليهم، فيما حدَّثنا محمدُ بنَ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسْباطُ، عن السُّدِّيِّ: ثم إن عيسى سار بهم، يعْنى بالحَوارِيِّين الذين كانوا يَصْطادون السمكَ، فآمَنوا به واتَّبَعوه إذ دعاهم، حتى أتَى بنى إسرائيلَ ليلًا فصاح فيهم، فذلك قولُه: ﴿فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ﴾ الآية [الصف: ١٤].
وأما مكرُ اللهِ بهم، فإنه - فيما ذكَر السُّدِّيُّ - إلقاؤُه شَبَهَ عيسى على بعضِ أتْباعِه، حتى قتَله الماكِرون بعيسى، وهم يَحْسَبونه عيسى، وقد رفَع اللهُ ﷿ عيسى قبلَ ذلك.
(١) سيرة ابن هشام ١/ ٥٨٢، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٦٠ (٣٥٧٦) من طريق سلمة، عن ابن إسحاق قوله.