للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى العامِّ، وأن يَكونَ الخبرُ أيضًا كذلك إلى وقتِ بُطولِ (١) اسْتِمْتاعِ بنى آدمَ وبنى إبليسَ بها، وذلك إلى أن تُبَدَّلَ الأرضُ غيرَ الأرضِ.

فإذ كان ذلك أولى التأويلاتِ بالآيةِ لما وصَفْنا، فالواجبُ إذن أن يَكونَ تأويلُ الآيةِ: ولكم في الأرضِ مَنازلُ ومَساكنُ تَسْتَقِرُّون فيها اسْتِقْرارَكم -كان- في السماواتِ، وفى الجنانِ في مَنازلِكم منها، واستمتاعٌ منكم بها وبما أخْرَجْتُ لكم منها، وبما جعَلْتُ لكم فيها مِن المَعاشِ والرِّياشِ والزَّينِ والملاذِّ، وبما أعطيتُكم على ظهرِها [من الحياةِ] (٢) أيامَ حياتِكم، ومِن بعدِ وَفاتِكم لأرْماسِكم (٣) وأجداثِكم تُدْفَنون فيها، وتَبْلُغون باستمتاعِكم بها إلى أن أُبَدِّلَكم بها غيرَها.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ وعزّ: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾.

أما تأويلُ قولِه: ﴿فَتَلَقَّى﴾. فإنه: أخَذ وقَبِل (٤). وأصلُه التَّفَعُّلُ مِن اللِّقاءِ، كما يَتَلَقَّى الرجلُ الرجلَ يستقبِلُه (٥) عندَ قدومِه مِن [غَيْبةٍ أو سفرٍ، فكذلك ذلك] (٦) في قولِه: ﴿فَتَلَقَّى﴾. كأنه اسْتَقْبَله فتلَقَّاه بالقَبولِ حينَ أُوحِى إليه أو أُخْبِر به، فمعنى ذلك إذن: فلقّى اللهُ آدمَ كلماتِ توبةٍ، فتلقَّاها آدمُ مِن ربه وأخَذها عنه تائبًا، فتاب اللهُ عليه بقِيلِه إياها وقبولِه إياها مِن رِّبه.

كما حدَّثنى يونُسُ بنُ عبدِ الأعلَى، قال: أخْبَرَنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ الآية. قال: لقَّاهما هذه الآيةَ: ﴿رَبَّنَا


(١) في ص، م: "يطول".
(٢) سقط من: ص، ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) الرمس: القبر. التاج (ر م س).
(٤) في م، ر: "قيل".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مستقبله".
(٦) في ص: "غيبته أو سفره فكان ذلك كذلك و".