للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآخرةِ الساعى لها سعيَها وهو مؤمنٌ، في هذه الدنيا من عطائِه، فيرزُقُهما جميعًا من رزقِه إلى بلوغِهما الأَمَدَ، واستيفائِهما الأجلَ ما كتَب لهما، ثم تختلِفُ بهما الأحوالُ بعدَ المماتِ، وتَفترِقُ بهما بعدَ الوُرودِ المصادرُ، ففريقُ مريدى العاجلةِ إلى جهَنَّمَ مَصْدَرُهم، وفريقُ مريدى الآخرةِ إلى الجنةِ مآبُهم، ﴿وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾. يقولُ: وما كان عطاءُ ربِّك الذي يُؤْتِيه مَن يشاءُ من خلقِه في الدنيا ممنوعًا عمَّن بسَطه عليه، لا يَقْدِرُ أَحدٌ من خلقِه منعَه (١) ذلك وقد آتاه اللَّهُ إياه.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾. أي: منقوصًا، وإن اللَّهَ تباركَ اسمُه قَسَم الدنيا بينَ البَرِّ والفاجرِ، والآخرةُ خصوصًا عندَ ربِّك للمتقين (٢).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا محمدُ بنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا﴾. قال: منقوصًا (٣).

حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ المُخَرِّميُّ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ بنُ مَهْدِيٍّ، قال: ثنا سهلُ بنُ أبي الصلتِ السَّرَّاجُ، قال: سمِعتُ الحسنَ يقولُ: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ﴾. قال: [كُلًّا نُعطِى] (٤) من الدنيا البَرَّ والفاجرَ (٥).


(١) بعده في م: "من".
(٢) تمام الأثر المتقدم في ص ٥٣٦.
(٣) تفسير عبد الرزاق ١/ ٣٧٦ عن معمر به.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ف: "كلٌّ يعطى".
(٥) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٩/ ٣٢ من طريق عبد الرحمن بن مهدى به، وعزاه السيوطي في الدر =