للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسول اللهِ ابنه أسامةَ بن زيدِ بن حارثةَ، فقال: يا رسولَ اللهِ، إنما أردتُ أن أَتصَدَّقَ به. فقال رسولُ اللهِ: "قد قُبِلَت صَدَقَتُك" (١).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرَنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرَنا مَعْمَرٌ، عن أيوبَ وغيرِه أنها حينَ نزَلَت: ﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾. جاء زيدُ بنُ حارثةَ بفرسٍ له كان يُحِبُّها، فقال: يا رسولَ اللهِ، هذه في سبيلِ اللهِ. فحَمَل رسولُ اللهِ عليها أسامةَ بنَ زيدٍ، فكأنَّ زيدًا وَجَد في نفسِه، فلما رأى ذلك منه النبيُّ ، قال: "أمَا إِنَّ الله قَدْ قَبلها" (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٩٣)﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه أنه لم يَكُنْ حرَّم على بني إسرائيلَ - وهم ولَدُ يعقوبَ ابن إسحاقَ بن إبراهيمَ خليلِ الرحمنِ - شيئًا من الأطعمةِ من قبل أن تُنزَّلَ التوراةُ، بل كان ذلك كلُّه لهم حلالًا، إلا ما كان يعقوبُ حرَّمه على نفْسِه، فإِنَّ ولدَه حَرَّموه استنانًا بأبيهم يعقوبَ، من غيرِ تحريمِ اللهِ ذلك عليهم في وَحْيٍ، ولا تنزيلٍ، ولا على لسانِ رسولٍ له إليهم، من قبلِ نزولِ التوراةِ.

ثم اختلف أهلُ التأويلِ في تحريمِ ذلك عليهم: هل نزَل في التوراةِ أم لا؟ فقال بعضُهم: لمَّا أَنْزَل اللهُ ﷿ التوراةَ حرَّم عليهم مِن ذلك ما كانوا يُحرِّمونه قبلَ نزولِها.


(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخه ١٩/ ٣٦٧ من طريق ابن وهب به.
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٢٦.