للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكرُه (١): الوادى السائلُ من صديد أهل جهنمَ لكلِّ كذابٍ ذى إثم بربِّه، مفترٍ عليه.

﴿يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ﴾. يقولُ: يَسْمَعُ آياتِ كتابِ اللَّهِ تُقرأ عليه، ﴿ثُمَّ يُصِرُّ﴾ على كفره وإثمه، فيُقيمُ عليه غير تائبٍ منه، ولا راجِعٍ عنه، ﴿مُسْتَكْبِرًا﴾ على ربِّه أن يُدْعِنَ لأمره ونهيه، ﴿كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا﴾. يقولُ: كأن لم يَسْمَعْ ما تُلى عليه من آيات الله بإصراره على كفره، ﴿فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾. يقولُ: فَبَشِّرْ يا محمدُ هذا الأفَّاكَ الأثيم الذي هذه صفتُه، بعذابٍ من الله له، ﴿أَلِيمٍ﴾.

يعني: مُوجعٍ في نارِ جهنمَ يومَ القيامةِ.

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (٩)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا عَلِمَ هذا الأفاكُ الأثيمُ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ شيئًا، ﴿اتَّخَذَهَا هُزُوًا﴾. [يقولُ: اتخَذَ (٢) تلك الآيات التي علمها هزُوًا] (٣)، يَسْخَرُ منها، وذلك كفعل أبي جهلٍ حين نزَلت: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ﴾ [الدخان: ٤٣، ٤٤]. إذ دعا بتمرٍ وزُيْدٍ، فقال: تَزَقَّموا من هذا، ما يَعِدُكم محمدٌ إلا شُهْدًا (٤). وما أشبه ذلك من أفعالهم.

وقولُه: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء الذين يَفْعَلون هذا الفعلَ، وهم الذين يَسْمَعون آياتِ اللَّهِ تُتْلَى عليهم، ثم يُصرُّون على كفرهم استكبارًا، ويَتَّخِذون آياتِ اللهِ التي علموها هزوًا - لهم يوم القيامةِ من الله عذابٌ


(١) بعده في ت ١: "ويل".
(٢) في م: "اتخذنا".
(٣) سقط من: ت ٢، ت ٣.
(٤) في ت ١: "بهذا". وينظر ما تقدم في ١٤/ ٦٤٨.