للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولُه: ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾. فإن "أن" في موضعِ خفضٍ، على معنى: تعالَوْا إِلى أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا الله.

وقد بيَّنا معنى "العبادةِ" في كلامِ العربِ فيما مضَى، ودلَّلْنا على الصحيحِ مِن معانِيه بما أغنى عن إعادتِه (١).

وأما قولُه: ﴿وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا﴾. فإن اتخاذَ بعضهم بعضًا (٢) ما كان بطاعةِ الأتْباعِ الرؤساءَ فيما أمَروهم به مِن مَعاصِي اللهِ، وَتَرْكِهِم مَا نَهَوْهم عنه مِن طاعةِ اللهِ، كما قال جل ثناؤُه: ﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا﴾ [التوبة: ٣١].

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، قال: قال ابن جُرَيْجٍ: ﴿وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾، يقولُ: لا يُطِعْ بعضُنا بعضًا في معصيةِ اللهِ، ويقالُ: إنّ تلك الربوبيةَ أن يُطِيعَ الناسُ سادتَهم وقادتَهم في غيرِ عبادةٍ، وإنْ لم يُصَلُّوا لهم (٣).

وقال آخَرون: اتخاذُ بعضِهم بعضًا أربابًا سجودُ بعضِهم لبعضٍ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا حفصُ بنُ عمرَ (٤)، عن الحكمِ بن


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ١٥٩، ١٦٠.
(٢) بعده في م: "هو".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٤٠ إلى المصنف، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٦٧٠ (٣٦٣٤) من طريق ابن ثور عن ابن جريج مقتصرًا على آخره.
(٤) في س: "عمرو".