للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: ولَيَحْلِفَنَّ بانُوه: ﴿إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى﴾ ببِنائِناه إلا الرفقَ بالمسلمين، والمنفعةَ والتوسعةَ على أهلِ الضَّعْفِ والعلَّةِ، ومَن عَجَزَ عن المسيرِ (١) إلى مسجدِ رسولِ اللهِ الصلاةِ فيه، وتلك هي الفعلةُ الحَسَنَةُ (٢)، ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ في حَلِفِهم ذلك، وقيلهم: ما بَنَيْناه إلا ونحن نريدُ الحسنى. ولكنهم بَنَوه يريدون ببنائِه السُّوآى؛ ضرارًا لمسجدِ رسولِ اللهِ ، وكفرًا باللهِ، وتفريقًا بين المؤمنين، وإرصادًا لأبى عامرٍ الفاسقِ.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى المُثَنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا﴾: وهم أناسٌ مِن الأنصارِ ابْتَنَوا مسجدًا، فقال لهم أبو عامرٍ: ابْنُوا مسجدَكم، واسْتَعِدُّوا (٣) بما اسْتَطعتم من قوّةٍ ومِن سلاحٍ، فإني ذاهبٌ إلى قيصرَ ملكِ الرومِ، فآتِي بجندٍ من الرومِ، فأُخْرِجُ محمدًا وأصحابَه. فلما فَرَغوا من مسجِدهم، أتَوُا النبيَّ ، فقالوا: قد فَرَغْنا مِن بناءِ مسجدِنا، فنحبُّ أن تُصَلِّيَ فيه، وتَدْعوَ لنا بالبركةِ. فأنزَل اللهُ فيه: ﴿لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ﴾، إلى قولِه: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "المصير". وكلاهما بمعنى.
(٢) في ص، ف: "الحسنى".
(٣) في ابن أبي حاتم ودلائل البيهقي: "استمدوا".