للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به، والحمدُ للهِ، بل إنما ذَهَب منه (١) بما (٢) لا حاجةَ بهم إليه منه، وذلك أن ما نَسَخ منه فلا حاجةَ بالعبادِ إليه، وقد قال اللهُ تعالى ذِكْرُه: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦) إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ﴾ [الأعلى: ٦، ٧]. فأخبرَ أنه يُنْسِى نبيَّه منه ما شاء. فالذى ذَهَب منه الذى اسْتَثْناه اللهُ.

فأما نحن، فإنما اخْتَرنا ما اخْتَرنا مِن التأويلِ طَلَبَ اتِّساقِ الكلامِ على نظامٍ في المعنى، لا إنكارَ أن يكونَ اللهُ تعالى ذِكرُه قد كان أنسى (٣) نبيَّه بعضَ ما نَسَخ مِن وحيِه إليه وتنزيلِه.

القولُ في تأويلِ قولِه جلّ ثناؤُه: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾.

اخْتَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا﴾. فقال بعضُهم بما حدَّثنى به المثنَّى، قال: حدَّثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: حدَّثنى معاويةُ بنُ صالحٍ، عن علىِّ بنِ أبي طلحةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾. يقولُ: خيرٍ لكم في المنفعةِ وأرفقَ بكم (٤).

وقال آخرون بما حدَّثنى به الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخْبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخْبَرنا مَعمرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾. يقولُ: آيةٍ فيها تَخْفِيفٌ، فيها رُخْصَةٌ (٥)، فيها أَمْرٌ، فيها نَهْىٌ (٦).


(١) سقط من: م.
(٢) في ت ١، ت ٢: "ما".
(٣) في م: "آتى".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٠١ (١٠٦٧) من طريق عبد الله بن صالح به. وينظر الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ٥٤، والفتح ٨/ ١٥٨.
(٥) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "رحمة".
(٦) تفسير عبد الرزاق ١/ ٥٥.