للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: ﴿يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾.

يقولُ تعالى ذكره: فناداه ربُّه: يا موسى، لا تَخَفْ مِن هذه الحيةِ، ﴿إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾. يقولُ: إنى لا يخافُ عندى رسلى وأنبيائى الذين أَخْتَصُّهم بالنبوةِ، إلا من ظلَم منهم، فعمِل بغيرِ الذي أُذِن له في العمل به.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جريجٍ، قال قولَه: ﴿يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾. قال: لا يُخيفُ اللهُ الأنبياءَ إلا بذنبٍ يُصِيبُه أحدُهم، فإنْ أصَابه أخافه يَأْخُذَه منه (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا أبو (٢) عبدِ اللهِ الفَزاريُّ، عن عبدِ اللهِ بن المباركِ، عن أبي بكرٍ، عن الحسنِ، قال قولَه: ﴿يَامُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ﴾. قال: إنى إنما أخَفْتُك لقتلِك النفسَ. قال: وقال الحسنُ: كانت الأنبياءُ تُذنِبُ فتُعاقَبُ، [ثم تُذنبُ واللهِ فتعاقَبُ] (٣).

واخْتَلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ دخولِ ﴿إِلَّا﴾ في هذا الموضعِ، وهو استثناءٌ، إِلَّا مع وعدِ اللهِ الغُفْرانَ المُسْتَثْنَى من قولِه: ﴿إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ﴾. [بقولِه: ﴿فَإِنِّي] (٤) غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. وحكمُ الاستثناءِ أن يكونَ ما بعدَه بخلافِ معنى ما قبلَه، وذلك أن يكونَ ما بعدَه - إن كان ما قبلَه منفيًّا - مُثْبَتًا، كقولِه: ما قام إلا زيدٌ.


(١) ذكره البغوي في تفسيره ٦/ ١٤٦.
(٢) سقط من: م، وهو محمد بن عيينة الفزارى، ينظر تهذيب الكمال ٢٦/ ٢٦٤.
(٣) سقط من: م.
والأثر ذكره القرطبي في تفسيره ١٣/ ١٦١.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، ف: "يقول وإني".