للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجتَمع الرجالُ والنساءُ في الخبرِ، فإن العربَ تُغَلِّبُ الذكورَ على الإناثِ، ولذلك قيل: ﴿فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ﴾. والمعنى ما ذَكَرنا.

ولو وُجِّه معنى ذلك إلى: فاقْعُدوا مع أهلِ الفسادِ، مِن قولِهم: خَلَفَ الرجلُ عن (١) أهلِه يَخْلُفُ خُلُوفًا: إذا فَسَد، ومِن قولِهم: هو خَلْفُ سَوْءٍ (٢) - كان مذهبًا. وأصلُه إذا أريدَ به هذا المعنى، مِن قولِهم: خَلَفَ اللبنُ يَخْلُفُ خُلُوفًا: إذا خَبُثَ (٣) مِن طولِ وضعِه في السِّقاءِ حتى يَفْسُدَ، ومِن قولِهم: خَلَفَ فمُ الصائمِ: إِذا تَغَيَّرت ريحُه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ (٨٤)﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤُه لنبيِّه محمدٍ : ولا تُصَلِّ، يا محمدُ، على أحدٍ ماتَ مِن هؤلاء المنافقين الذين تَخَلَّفوا عن الخروجِ معك أبدًا، ﴿وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ﴾. يقولُ: ولا تَتَوَلَّ دفنه وتقبيرَه (٤) - مِن قولِ القائلِ: قامَ فلانٌ بأمرِ فلانٍ. إذا كَفاه أمرَه - ﴿إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ﴾. يقولُ: إنهم جحَدوا توحيدَ اللهِ ورسالةَ رسولِه، وماتوا وهم خارِجون مِن الإسلامِ، مُفارِقون أمرَ اللهِ ونهيَه.

وقد ذُكِر أن هذه الآية نزَلَت حينَ صَلَّى النبيُّ على عبدِ اللهِ بن أُبَيٍّ.

ذكرُ مَن قال ذلك


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "على".
(٢) في ت ١، ت ٢، س، ف: "سواء".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "خلف".
(٤) في م: "تقبره".