للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَن يُقِيتُ" (١). في روايةِ مَن رَواها: يُقِيتُ، يعني: مَن هو تحتَ يَدَيه وفي سلطانِه من أهلِه وعيالِه، فيُقَدِّرُ له قوته. يقالُ منه: أقاتَ فلانٌ الشيءَ يُقِيتُه إقاتةً، وقاتَه يَقوتُه قياتةً وقَوْتًا، والقُوتُ الاسمُ. وأما المُقِيتُ في بيت اليهوديِّ (٢) الذي يقولُ فيه:

ليتَ شِعْرِي وأَشْعُرَنَّ إذا ما … قَرَّبوها مَطْوِيَّةً (٣) ودُعِيتُ

أَلِي الفَضْلُ أَم عَلَيَّ إِذا حُو … سِبْتُ إنِّي على الحسابِ مُقِيتُ

فإنّ معناه: فإنِّى على الحسابِ موقوفٌ، وهو مِن غيرِ هذا المعنى.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾

يعنى بقوله جلَّ ثناؤُه: ﴿وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ﴾: إذا دُعِى لكم بطولِ الحياةِ والبقاءِ والسلامةِ، ﴿فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا﴾. يقولُ: فَادْعُوا لَمَن دَعا لكم بذلك بأحسَنَ مما دعا لكم، ﴿أَوْ رُدُّوهَا﴾، يقولُ: أو رُدُّوا التحيةَ.

ثم اختَلف أهلُ التأويلِ في صفةِ التحيةِ التي هي أحسنُ مما حُيِّى به المُحَيَّا، والتي هي مثلُها؛ فقال بعضُهم: التي هي أحسنُ منها أن يقولَ المُسلَّمُ عليه إذا قيل: السلامُ عليكم: وعليكم السلامُ ورحمةُ اللهِ. فيزيدُ على دعاءِ الداعِى له. والردُّ أن يقولَ: السلامُ عليكم. مثلَ ما قيل له، أو يقولَ: وعليكم السلامُ. فيَدْعُو للدَّاعِى له مثلَ الذي دَعا له.


(١) أخرجه الطيالسي (٢٣٩٥) - طبعتنا)، وأحمد ١١/ ٣٦ (٦٤٩٥)، وأبو داود (١٦٩٢)، والنسائي في الكبرى (٩١٧٦)، وابن حبان (٤٢٤٠) من حديث عبد الله بن عمرو. وأخرجه مسلم (٩٩٦) بلفظ: "كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته".
(٢) هو السموأل بن عادياء والبيتان في ديوانه ص ٨١ ومجاز القرآن لأبي عبيدة ١/ ١٣٥، واللسان (ق و ت).
(٣) في م: "منشورة" وكذا في الديوان واللسان، وما أثبتناه موافق لما في مجاز القرآن.