للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك، وذكرُ السببِ الذي من أجلِه قيل ذلك، ومَن قائلُه

حدَّثنا محمدُ بنُ حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن عبدِ اللَّهِ بن أبي بكرِ بن محمدِ بن عمرِو بن حزمٍ، قال: مرَّ به - يعني برسولِ اللَّهِ مَعْبدٌ الخُزاعيُّ بحمراءِ الأسَدِ، وكانت خزاعةُ، مسلمُهم ومشركُهم، عَيْبةَ (١) نُصحٍ الرسولِ اللَّهِ بتِهَامةَ، صَفْقَتُهم معه، لا يُخفون عليه شيئًا كان بها، ومعبدٌ يومَئذٍ مشركٌ، فقال: يا محمدُ، أَمَا واللَّهِ لقد عزَّ علينا ما أصابك في أصحابِك، ولَوَدِدنا أن اللَّهَ ﷿ كان أعفاك فيهم. ثم خرَج من عندِ رسولِ اللَّهِ بحمراءِ (٢) الأسَدِ، حتى لقِى أبا سفيانَ بنَ حربٍ ومن معه بالرَّوْحاءِ، قد أَجْمعوا الرَّجْعةَ إلى رسولِ اللَّهِ وأصحابِه، وقالوا: أصبْنا حَدَّ (٣) أصحابِه وقادتَهم وأشرافَهم، ثم نرجِعُ قبلَ أن نستأصِلَهم؟! لنكُرَّنَّ على بقيَّتِهم، فلْنفرُغَنَّ منهم. فلما رأى أبو سفيانَ مَعْبدًا، قال: ما وراءَك يا معبدُ؟ قال: محمدٌ قد خرَج في أصحابِه يطلُبُكم في جمعٍ لم أرَ مثلَه قطُّ، يتحرَّقون عليكم تحرُّقًا، قد اجْتَمع معه من كان تخلَّف عنه في يومِكم، وندِموا على ما صنَعوا، فيهم (٤) من الحَنَقِ عليكم شيءٌ (٥) لم أرَ مثلَه قطُّ. قال: ويْلَك ما تقولُ؟ قال: واللَّهِ ما أراك ترتحلُ حتى ترى نواصيَ الخيلِ. قال: فواللَّهِ لقد أَجْمَعْنا الكرَّةَ عليهم لنستأصلَ بقيَّتَهم، قال: فإني أنهاك عن ذلك، فواللَّهِ لقد حمَلني ما رأيتُ على أن قلتُ فيه أبياتًا من شعرٍ! قال: وما قلتَ؟ قال: قلتُ (٦):


(١) عيبة الرجل: موضع سره. النهاية ٣/ ٣٢٧، واللسان (ع ى ب).
(٢) في م: "من حمراء".
(٣) في ص، س: "محمدا و"، وفي م، ت ٢، ت ٣: "في أحد". وينظر سيرة ابن هشام ٢/ ١٠٢، ١٠٣.
(٤) في م: "فهم".
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بشيء".
(٦) الأبيات في سيرة ابن هشام ٢/ ١٠٣.