للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قرأ بعضُ القرأةِ: (ويُهْلِكُ الحَرْثَ والنَّسْلَ) (١) برفعِ "يُهْلِكُ" بمعنى: ومن النَّاسِ مَنْ يُعجِبُك قولُه فِي الحياةِ الدُّنيا، ويُشهِدُ اللَّهَ على ما فِي قلبِه وهو ألَدُّ الخصامِ، ويُهْلِكُ الحرثَ والنَّسلَ، وإذا تولَّى سعَى في الأرضِ ليُفسِدَ فِيها، واللَّهُ لا يُحِبُّ الفسادَ. فيَرُدُّ "وَيُهْلِكُ" على ﴿وَيُشْهِدُ﴾ عطفًا به عليه.

وذلك قراءةٌ عندي غيرُ جائزةٍ وإن كان لها مَخرجٌ في العربيةِ؛ لمخالفتِها ما عليه الحجةُ مُجمِعةٌ من القراءةِ في ذلك (٢)، وأن ذلك في قراءةِ أُبيِّ بنِ كعبٍ ومُصْحفِه فيما [ذُكِر لنا] (٣): (ليُفْسِدَ فيها ولِيُهْلِكَ الحرثَ والنسلَ) (٤). وذلك من أدلِّ الدليلِ على تصحيحِ قراءةِ من قرَأ ذلك: ﴿وَيُهْلِكَ﴾ بالنصبِ عطفًا به على ﴿لِيُفْسِدَ فِيهَا﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ (٢٠٥)﴾.

يعني جلَّ ثناؤُه بذلك: واللَّهُ لا يحبُّ المعاصيَ، وقطعَ السبلِ، وإخافةَ الطرقِ، [والفسادَ] (٥).

والفسادُ: مصدرٌ مِن قولِ القائلِ: فسَد الشيءُ يفسُدُ. نظيرُ قولِهم: ذهَب يَذهَبُ ذَهابًا. ومن العربِ مَن يجعَلُ مصدرَ "فسَد" فُسُودًا، ومصدرَ "ذَهَب يَذهَبُ" ذُهوبًا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ


(١) البحر المحيط ٢/ ١١٦.
(٢) بعده في م: "قراءة ويهلك الحرث والنسل"، وبعده في ت ١، ت ٢، ت ٣: "ويهلك الحرث والنسل".
(٣) في م: "ذكرنا".
(٤) القراءة غير متواترة، ينظر إعراب القرآن للنحاس ١/ ٢٥٠، والبحر المحيط ٢/ ١١٦.
(٥) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.