للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليُثيبَ اللهُ كلَّ عاملٍ بما عمِل من عملٍ (١)، خَلَقَ السماوات والأرضَ؛ المحسنَ بالإحسانِ، والمسيءَ بما هو أهلُه، لا لِنَبْخَسَ المحسنَ ثوابَ إحسانِه، ونَحْمِلَ عليه جُرْمَ غيره فنُعاقِبَه، أو نَجْعَلَ للمسيءِ ثوابَ إحسانِ غيرِه، فنُكْرِمَه (٢)، ولكن لنَجْزِيَ كلًّا بما كسَبت يداه، وهم لا يُظْلَمون جزاءَ أعمالِهم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٢٣)﴾.

اختلَف أهلُ التأويل في تأويل قوله: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك: أفرأيتَ من اتخَذ دينَه بِهواه، فلا يَهْوَى شيئًا إلا ركبه؛ لأنه لا يُؤْمِنُ باللهِ، ولا يُحرِّمُ ما حرَّم، ولا يُحِلُّ (٣) ما أحلَّ (٤)، إنما دينُه ما هوِيتْه (٥) نفسُه يَعْمَلُ به.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾. قال: ذلك الكافرُ، اتخذ دينَه بغير هدًى من الله ولا برهانٍ (٦).


(١) سقط من: ت ٢، ت ٣.
(٢) في ت ٣: "فيلزمه".
(٣) في م: "يحلل"، وفي ت ٢: "يجعل".
(٤) في م: "حلل".
(٥) في ت ١: "عملته".
(٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٥ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم واللالكائي في السنة والبيهقي في الأسماء والصفات.