للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والإرْكاسُ الردُّ، ومنه قولُ أُميةَ بن أبي الصَّلْتِ الثقَفِيِّ (١):

فأُرْكِسوا في حَمِيم النارِ أَنَّهُمُ … كانوا عُصاةً وقالوا الإفْكَ والزُّورَا

يقال منه: أَرْكسَهم ورَكَسَهم.

وقد ذُكِر أنها في قراءةِ عبدِ اللهِ وأُبَيٍّ: (واللهُ ركَسَهم) بغيرِ ألفٍ (٢).

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في الذين نزَلَت فيهم هذه الآيةُ؛ فقال بعضُهم: نزلَت في اختلافِ أصحابِ رسولِ اللهِ في الذين تخَلَّفوا عن رسولِ اللهِ يومَ أُحدٍ، وانْصَرَفوا إلى المدينةِ، وقالوا لرسولِ اللهِ ولأصحابِه: لو نعلَمُ قتالًا لاتَّبَعْناكم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني الفضلُ بنُ داودَ (٣) الواسطيُّ، قال: ثنا أبو داودَ، عن شعبةَ، عن عديِّ بن ثابتٍ، قال: سمعْتُ عبدَ اللهِ بنَ يزيدَ الأنصاريَّ يُحَدِّثُ عن زيدِ بن ثابتٍ، أن النبيَّ لمَّا خرَج إلى أُحدٍ، رجَعَت طائفةٌ ممَّن كان معه، فكان أصحابُ النبيِّ فيهم فرقتَيْن؛ فرقةٌ تَقولُ: نَقْتُلُهم. وفرقةٌ تقولُ: لا. فنزَلَت هذه الآيةُ: ﴿فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا﴾ الآية. قال رسولُ اللهِ في المدينة: "إنها طَيْبةُ، وإنها تَنْفِى خَبَثَها كما تَنْفِى النارُ خَبَثَ الفِضَّةِ" (٤).

حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ، قال: ثنا أبو أسامةَ، قال: ثنا شعبةُ، عن عديِّ بن


(١) ديوانه ص ٤٩.
(٢) وهي قراءة شاذة. ينظر تفسير القرطبي ٥/ ٣٠٧.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣ س: "زياد"، وينظر الجرح والتعديل ٧/ ٦٢، وتاريخ واسط ص ٢٤٢.
(٤) أخرجه الطيالسي (٦٠٧، ٦٠٨ - طبعتنا)، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠٢٢، ١٠٢٣ (٥٧٣٩). وأخرجه أحمد ٥/ ١٨٤، ١٨٧، ١٨٨، ٢٨٧ (الميمنية)، وعبد بن حميد (٢٤٢)، والبخارى (١٨٨٤، ٤٠٥٠، ٤٥٨٩)، ومسلم (١٣٨٤)، (٢٧٧٦)، والترمذى (٣٠٢٨)، والنسائي في الكبرى (١١١١٣) كلهم من طرق عن شعبة به.