للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من العذابِ (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤه: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (٩٦)﴾.

يَعنى جل ثناؤُه بقولِه: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾: واللهُ ذو إبصارٍ بما (٢) يَعمَلون، لا يَخْفَى عليه شيءٌ من أعمالِهم، بل هو بجميعِها مُحيطٌ، ولها حافظٌ ذاكرٌ، حتى يُذِيقَهم بها من العقابِ جزاءَها.

وأصلُ بصيرٍ مُبْصِرٌ، من قولِك (٣): أبْصَرْتُ فأنا مُبْصِرٌ. ولكنّه صُرِف إلى "فَعِيلٍ"، كما صُرِفَ مُسْمِعٌ إلى سَميعٍ، وعذابٌ مؤلمٌ إلى أليمٍ، ومُبدِعُ السماواتِ إلى بَديعٍ، وما أشبهَ ذلك.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾.

أجمع أهلُ العلمِ بالتأويلِ جميعًا على أنَّ هذه الآيةَ نزَلتْ جوابًا لليهودِ مِن بنى إسرائيلَ، إذ زعَموا أنَّ جبريلَ عدوٌّ لهم، وأن ميكائيلَ وَلِيٌّ لهم. ثم اختلَفوا في السببِ الذى مِن أجلِه قالوا ذلك؛ فقال بعضُهم: إنما (٤) كان سببُ قيلِهم ذلك مِن أجلِ مناظرةٍ جرَتْ بينهم وبين رسولِ اللهِ ﷺ في أمرِ نبوَّتِه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حَدَّثَنَا أبو كُريبٍ، قال: ثنا يونسُ بنُ (٥) بُكَيرٍ، عن عبدِ الحميدِ بنِ بَهْرامَ، عن


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ١/ ١٨٥.
(٢) في الأصل: "ما".
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قول القائل".
(٤) ليست في: الأصل.
(٥) في م: "عن".