وقولُه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ﴾. يقولُ: والذين هم في الدنيا من عذابِ ربِّهم وَجِلون أن يُعَذِّبَهم فى الآخرةِ، فهم من خشية ذلك لا يُضَيِّعون له فرضًا، ولا يَتَعَدُّون له حدًّا.
وقولُه: ﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾: أن ينالَ من عصاه وخالفَ أمرَه.
يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ يعنى: أقبالِهم. حافظون عن كلِّ ما حرَّم اللهُ عليهم وضْعَها فيه، إلا أنهم غيرُ ملومِين في تركِ حفظِها ﴿عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ من إمائِهم.
وقيل: ﴿لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٢٩) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ﴾. ولم يَتَقدَّمْ ذلك جحدٌ؛ لدلالةِ قولِه: ﴿فَإنِّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ﴾. على أن فى الكلامِ معنى جحْدٍ، وذلك كقولِ القائل: اعمَل ما بدا لك إلا على ارتكابِ المعصيةِ، فإنك معاقَبٌ عليه. ومعناه: اعمَلْ ما بدا لك إلا أنك معاقَبٌ على ارتكابِ المعصيةِ.
وقولُه: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾: فمن التمَس لفرجِه مَنكَحًا سوى زوجتِه أو مِلكِ يمينِه، ففاعِلو ذلك هم العادُون، الذين عدَوا ما أحلَّ اللهُ لهم إلى ما حرَّم عليهم، فهم الملومون.